يوجد هذا الوادي في محمية وادي الريان، على بُعد 70 كيلو متراً من بحيرة قارون في محافظة الفيوم، يقع في منطقة صحراوية نائية في الشمال الغربي، بالقرب من سفح جبل جهنم، يحتاج الوصول إليه عربة مجهزة لنعومة الطريق في بعض الأماكن نتيجة لبعض التجمعات الرملية. ترجع نشأة وادي الحيتان إلى ما يقرب من أربعين مليون عام، كان وادي الريان تحت محيط ضخم للغاية (بحر تيسى) ونتيجة للتغيرات الجيولوجية انحسر المحيط تاركاً خلفه بقايا بعض الحيوانات البحرية مدفونة في الطبقات الرسوبية، لذا يمكن أن نجد هياكل متحجرة للحيتان البدائية وأسنان سمك القرش والأصداف وغيرها من الحيوانات البحرية، كما نجد البقايا المتحفرة لنبات المانجروف البحري. وإذا كان التاريخ البعيد منذ ملايين السنين ترك بصمته هنا واضحة قبل أن يمر، فإن التاريخ الحديث له أيضاً ما يود أن يسجله، وإن اختلفت التفاصيل، نرى ذلك بوضوح في طريقنا، حيث تقف صخرة عالية دائرية الشكل، تسمى "صخرة الألمان"، وُجد عليها علامات باللغة الألمانية تدل على هوية أحد الطيارين المقاتلين، سقط بطاقم طائرة (جانكر 88 أ) بالقرب من الصخرة عام 1942، أثناء الحرب العالمية الثانية، التي دارت بين ألمانيا بقيادة "روميل"، وقوات المحور – العديد من الدول – بقيادة مونتجمرى" الإيطالى، انتصر فيها الأخير، ولم يعثر على جثته و جثث زملائه الثلاث إلا في عام 1999 .
يُعد وادى الحيتان أول موقع بيئى مصرى ينضم إلى قائمة التراث الطبيعى العالمى .. تلك القائمة التى تحوى أكثر من 130 موقعاً من مختلف دول العالم .. وترعاها منظمة اليونسكو .
ففى 14 يوليو 2005 وقع اختيار المنظمة من خلال لجنة التراث العالمى فى اجتماعها الـ 29 الذى عقد فى "ديربان" بجنوب أفريقيا لموقع وادى الحيتان بصحراء الفيوم ليكون أحد وأهم موقع فى مصـر . ويأتى هـذا الاختيار تتويجاً للجهود المصرية المبذولة للحفاظ على الطبيعة والثروات الطبيعية .
الموقع
يقع وادى الحيتان فى الشمال الغربى من وادى الريان فى منطقة صحراوية نائية بمحافظة الفيوم .. وكان وادى الريان قبل 40 مليون سنة يقع تحت محيط ضخم للغاية وبسـبب التغـيرات الجيولوجية انحسر هذا المحيط للخلف وترك وراءه عدد كبير من الحيوانات البحرية ومن بينـها الحيتان التى لوحظت بدرجات كبيرة, حيث اكتشف مئات من الهياكل العظمية المتحجرة لبعض أنواع الحيتان الأولية وكذلك الكثير من الأصداف وأسماك القرش وغيرها من الحيوانات البحرية .
الأماكن المحيطة بالمحمية
ووادى الحيتان أو ( قارة جهنم ) كما كان يطلق عليها قديماً يقع ضمن محمية وادى الريان بصحراء الفيوم, حيث تحتوى المحمية على عدد من البحيرات الصناعية التى هى الأحدث على مستوى العالم وهى كالتالى :
البحيرة العليا والتى تبلغ مساحتها 65 كيلو متراً مربعاً وتوجد بمنطقة تعرف "بوادى المساخيط" وترتفع منسوبها عن البحيرة السفلى بمقدار 20 متراً ونسبة الملوحة بها 1.5 جرام للتر وأقصى عمق لها 22 متراً, ومنسوب سطح المياه خمسة أمتار تحت سطح البحر ومياهها شبه ملحية ومتجددة .
أما البحيرة السفلى فتصل مساحتها إلى 110 كيلو متر مربع ونسبة الملوحة بها مرتفعة عن البحيرة العليا حيث تصل إلى 2.8 جرام للتر وأقصى عمق لها 34 متراً ومنسوب سطح المياه 25 متراً تحت منسوب سطح البحر .
أما المنطقة التى تصل بين البحيرتين فتعرف بمنطقة الشلالات وتقع بوادى القسيمات وهى عبارة عن ثلاث شلالات طبيعية ينساب فيها الماء على ارتفاع أكثر من 5 أمتار ما بين غابات من نبات البردى وهى منطقة ذات جمال ومناظر خلابة .
وبداخل المحمية أيضاً منطقة جبل المدورة وهى عبارة عن هضبة عالية على شكل دائرة يقابلها بالطرف الآخر ثلاث هضاب قريبة الشبه بالأهرامات وينساب الماء بينها على شكل لسان من البحيرة ويوجد أسفل الجبل شاطئ بطول حوالى 500 متر ويمتاز بأنه مظلل بظل الجبل .
وبالمحمية أيضاً منطقة عيون الريان والتى تقع فى جنوب البحيرة السفلى وتبلغ مساحتها 150 كيلو متراً ، وتوصف بأنها منطقة ذات بيئة صحراوية متكاملة وأُطلق عليها عيون بسبب وجود بعض العيون الطبيعية بها وتتكون من كثبان رملية طويلة وكثيفة ومتحركة .
وادى الحيتان .. متحفاً جيولوجياً مفتوحاً
تتميز منطقة وادى الحيتان بنظام بيئى فريد من حيث وجود الأراضى الرطبة والتراكيب الجيولوجية والعيون المائية والحفريات النادرة ، كما تتواجد مجموعة كبيرة من الحيتان يصل عددها إلى 406 هيكل ترجع إلى نحو 40 مليون سنة ، بالإضافة إلى مجموعة من الدرافيل والسلاحف البحرية وعروس البحر وتعطى صورة كاملة لأول مرة لشكل الحيتان التى كانت تعيش خلال هذه الحقبة .
كما يمثل الوادى متحفاً جيولوجياً مفتوحاً فريداً من نوعه ، ويمثل جبل جهنم جيولوجية منطقة وادى الحيتان ، وتُعد هذه المنطقة من أجمل بقاع العالم لوجود التلال الرملية الصغيرة والنتوءات الصخرية من الحجر الرملى ذات الأشكال المتنوعة .
وإضافة إلى هذه التكوينات الجيولوجية التى يمكن مشاهدتها فى وادى الحيتان والمناطق المحيطة به فى وادى الريان يمكن رصد الكثير من أشكال الحياة النباتية والحيوانية به فيوجد بالمحمية أكثر من 16 نوعاً من النباتات مثل الفاؤول , والطرفة , والأثل , والغردق ذو الثمار الحمراء , والبوص, والسمار , والرسو إلى جانب نخيل البلح , والعبل والرطريط.
كما تُعد أشكال الحياة الحيوانية والبحرية من أهم ثروات الوادى ومن بينها حيوانات ثديية مثل الغزال المصرى ، والغزال الأبيض والثعلب الأحمر وثعلب الفنك والذئب المصرى والنمس والقط الجبلى .
إلى جانب ذلك 16 نوعاً من الزواحف مثل حيوان قاضى الجبل والورل الصحراوى والأرقم الأحمر والبرص أبو كف .
ويوجد أيضاً الكثير من الطيور الذى يمكن رصدها بالوادى مثل الشرشير الشتوى وصقر شاهين، والسمان والبط والنورس والبلوش والبشاروش والعقاب النسارية . كما يوجد أيضا عدد من الأسماك فى بحيرات وادى الريان مثل البلطى وقشر البياض والوقار والدنيس وغيرها .
وإضافة إلى ذلك توجد بعض الأديرة التى أنشأها الرهبان منحوتة فى الجبال حيث أقاموها من قرون طويلة، وفى هذه المناطق عموماً تنتشر كثير من الحفريات البحرية التى تعود إلى عصر الأويوسين ومن أبرزها حفريات النيوميوليت أو قروش الملائكة وكثير من القواقع وقنافد البحر .
وأخيراً فإن انضمام وادى الحيتان لقائمة التراث الطبيعى العالمية هو البداية ، فمن ناحية أخرى تقدمت مصر بقائمة من المواقع لمنظمة اليونسكو يبلغ عددها 26 موقعاً ضمن القوائم التمهيدية للتراث العالمى تم تقسيمها فى 7 سلاسل تشمل سلسلة الواحات الشمالية وتتضمن موقع الديناصورات بالواحات البحرية – الصحراء البيضاء فى واحة الفرافرة – واحة سيوة بمطروح – جبل قطرانى بالفيوم – وسلسلة الواحات الجنوبية والواحات الصغرى .
أحد الزوار يحكى عن رحلته لوادى الحيتان :
رحلة مثيرة لاكتشاف المجهول .. أسماك القرش والحيتان في وادي الريان
وادي الريان مغامرة مثيرة في أعماق التاريخ بصحراء الفيوم.. حيث تخبيء الطبيعة كنوزها.. بحيرات زرقاء.. شلالات وسط تكوينات جبلية خلابة، وبقايا كائنات عتيقة خرجت من سباتها، وهياكل الحيتان المتحجرة منذ 40 مليون سنة قبل أن تتحول أعماق البحر إلي صحراء.. وادي الحيتان سيمفونية تعزفها الطبيعة قادمة من زمن سحيق.. رحلة داخل لوحة أسطورية نصطحب إليها قراءنا.
ليست مجرد لقطات خلابة تحتفظ بها الذاكرة ولا مجرد ومضات تحييٌ في الروح قدرتها علي الاندهاش وسط رتابة الحياة وتكرارها ولكنها تجربة روحية وذهنية تعيد الإنسان إلي مهده الأول هنا علي حافة الطبيعة وشواطيء الأزمنة المحفوظة في تتابع حيث بإمكانك أن تصغي لقصة الخلق وأن ينفض العلم عنك غبار الأساطير صانعا بكشوفه وأسراره أسطورة أكثر عبقرية وإدهاشا.
للمكان لغة والعمر عشرات الملايين من السنين لكن الشيخوخة لم تأت بعد فهو يتبدٌل في كل لحظة وجها جديدا بريئا لا تكف الطبيعة عن وضع رتوشها علي ملامحه، ولكن المفارقة أيضا أن الكائن الذي يستطيع أن يسمع لحن الوجود الخالد وأن يستمتع بوهج الطبيعة الفاتن هو نفسه الخطر الأكبر عليها.. بل إنه إذا ترك لنفسه سيحولها إلي غابات من الأسمنت وساحة للعشوائية يضخ فيها سمومه في الجو وعلي الأرض وفي المياه، لذلك فإن كلمة محمية التي تطلق علي هذا المكان الرائع لا تعني سوي حمايتها من الإنسان وعبثه قبل أن يفعل بها كما فعل بباقي الأرض، إنها البقية الباقية من الثروة التي ورثها الإنسان.
هنا وادي الريان
عندما أردنا الدخول إلي محمية وادي الريان بالفيوم كان بصحبتنا من إداراة المحمية المهندس حسام كامل مدير المحمية والباحث الشاب محمد السباعي وكان علينا أن نتحرك سريعا في الصباح الباكر قبل أن تدركنا حرارة الشمس في الصحراء.
في البداية لفت نظرنا مشهد بديع وفريد فعشاق الصحراء يعرفون أنها قد تتجمل بواحة خضراء أو بئر ماء أما أن تجد في وسطها بحيرة زرقاء شاسعة فهذا هو الشيء المدهش وأن تسير بمحازاة البحيرة لتجد تشكيلات جبلية بديعة فهذا جمال يصعب وصفه، فماذا عندما تجد نفسك أمام شلال تهدر مياهه في البحيرة قادما من وسط الأحراش الخضراء، إنها حالة فريد.
قليلون منا يحسنون الإنصات لهمس الجمال الكامن حولنا وقليلون الذين سمحت لهم الفرصة ليقتربوا من الأماكن التي لا تكتفي فيها الطبيعة بالهمس بل تطلق صراخا أوبراليا يخطف الروح ويحلق بها لتري الحياة بعين طائر يلمس بجناحيه نبع الجمال، والولوج إلي الصحراء متعة ما بعدها متعة سيارات رياضية أصبحت الآن سفينة الصحراء، واحدة منها انحرفت بنا عن الطريق بالقرب من الشلال وغابت هناك في متاهات الاتساع، قطعنا نحو 45 كيلو مترا في حوالي ساعة بفضل سائق مدرٌب أصبح يحفظ علامات الفضاء الرحب وسط كثبان رملية ومناطق حجرية ومرتفعات ومنخفضات وجبال تخالها علي بعد قفرة فتظل السيارة منطلقة نحوها دون أن تدركها حتي إذا وصلت إلي سفحها وجدت نفسك نقطة عند أقدام عملاق لم يهزمه الزمن.
حيتان في الصحراء
كان الوصول إلي أول حفرية بوادي الحيتان أشبه بالحلم الذي طال انتظاره، فالطريق طويل رغم جمال الصحراء وألاعيبها الدائمة، هناك كان صاحبنا يستلقي علي بطنه فوق الرمال بطول يزيد علي عشرة أمتار وذيله مازال مدفونا هذه النومة التي غلبه نعاسها قبل 40 مليون سنة ربما في لحظة قيلولة كونية لكن الطبيعة تقرر أن تحتفظ به إلي الأبد ليعبر أزمنة تفوق كل ما تخيلته الأساطير تلك التي لا تعرف من الزمن إلا آلافه المتواضعة الضئيلة، دارت برأسي مقارنة طريفة بين علماء الآثار الذين يلعبون مع بضعة آلاف من السنين وبين علماء الحفريات الذين يقيسون الزمن بالملايين.
الإنسان نفسه لم يظهر في صوره الأولي إلا خلال المليون الأخيرة ومقارنة بظهور الحياة علي كوكب الأرض فإنه قد ظهر في آخر دقيقتين ونصف من يوم كامل هو عمر الحياة علي الأرض والذي يقدر ب 600 مليون سنة.
المهم أنك حتي دون التوغل في التفاصيل العلمية تجد نفسك قد تواصلت مع أزمنة سحيقة لا يعلم كنهها علي وجه الدقة إلا خالق الكون العظيم.
عدد كبير من الحفريات محاطة بعصي وحبال لتمييز مواقعها وهي عبارة عن فقرات متحجرة حولتها الأزمنة الثقيلة إلي أحجار ظلت تحتفظ بملامح الكائن الأصلية بعد أن دفنت هذه الحيتان في قاع البحر الذي جف في ملايين السنين حيث تقوم الرياح بكشفها الآن مرة أخري.
هنا كان البحر قديما
شيء عجيب أن تتخيل هذه الصحراء برمالها ومعالمها واتساعها كانت قاع بحر وأن الجبال والتلال المحيطة كانت مغمورة بالمياه المالحة ربما أحدها كان جزيزة وتشهد علي ذلك الأصداف والمحار الموجودة بها ففي هذا المكان كان البحر المتوسط يبسط نفوذه، وبالتالي فمعظم المناطق الموازية كانت ضمن حدود البحر القديم. القاهرة نفسها وكل المنطقة الشمالية كانت تحت البحر..
صحيح نحن لم نكن هناك لكن العلم استطاع أن يرسم لنا صورة للمكان قبل 40 مليون سنة.
وفيما بين الحفريات كانت الرياح قد تركت منحوتات بديعة استغرق نحتها أيضا ملايين السنين وهي لا تكف عن تعديلها وها هي تقف في العراء صامدة ومتفاعلة مع كل ما حولها تحت سماء لا تكف هي الأخري عن تدفق ألوانها وامتزاجها في لوحات تجريدية رائعة لكن هيهات بين لوحات تشكلها الدقائق ومنحوتات تصنعها ملايين السنين.
مهندس وحيد سلامة المسئول عن المحميات الطبيعية قال لنا أن محمية وادي الريان من 24 محمية طبيعية في مصر تتنوع فيها البيئات والكائنات النباتية والحيوانية. وهي جميعا خاضعة لقانون المحميات الطبيعية رقم 102 لسنة 83 والذي يحافظ علي هذه المناطق ويحدد أسلوب العمل والتنمية بها.
ويضيف: محمية وادي الريان أعلنت عام 97 وهي منطقة ذات أهمية علمية وتراكيب جيولوجية بالإضافة لاحتوائها علي مناطق تتميز بالجمال الطبيعي ومنها الشلال وجبل المدوٌرة وجبل المشججة بالإضافة لمنطقة العيون وبها حياة برية وتحتوي علي الغزال الأبيض وهو نوع نادر ومهدد بالانقراض بالإضافة لمنطقة وادي الحيتان.
ونظرا لوجود البحيرات فإن الطيور المهاجرة تتوقف بالمنطقة للراحة والغذاء وقد تم رصد 140 نوعا منها.
ق كيف يكون الاستغلال الأمثل لمنطقة وداي الحيتان في رأيك؟
بالنسبة لوادي الحيتان هي إحدي مناطق وادي الريان ذات الأهمية الكبيرة والغنية بالتكوينات الطبيعية والحفريات التي ترجع إلي 40 مليون سنة وبها الآن ما يزيد علي 400 هيكل للحيتان، وقد اكتشفت عام 1902 وتمثل نموذجا لشكل المنطقة منذ ملايين السنين حين كانت مغمورة بالماء وينتشر بها أسماك القرش والحيتان وعرائس البحر والسلاحف البحرية بالإضافة لغابات أشجار المنجروف.. ويتم حاليا إعداد دراسة لتحقيق الاستغلال الامثل للمنطقة من خلال معاونة المنظمات العالمية وإدارج المنطقة كإحدي مناطق التراث الطبيعي العالمي تحت إشراف اليونسكو ولتوضع علي الخريطة السياحية ضمن أماكن عديدة ومتنوعة بمنطقة الفيوم.
ق ولكن من الناحية الجيولوجية والعلمية إلي أي حقبة ترجع هذه الحفريات؟
هذا السؤال أجابني عليه الجيولوجي أحمد سلامة بقوله:
في البداية لابد أن نلقي نظرة سريعة علي تاريخ الأرض وبالتحديد منذ ظهور الحياة علي سطحها قبل 600 مليون سنة وهذه الفترة الطويلة يقسمها العلماء إلي ثلاث حقب هي الحقبة القديمة والحقبة المتوسطة والحقبة الحديثة، وتنتمي الحفريات الموجودة في وادي الحيتان إلي الحقبة الحديثة.
ق وأسأله عن طريقة تكونها فنحن نري أمامنا هياكل عظمية وأسنانا ونباتات في حالة متحجرة كيف يحدث ذلك؟ ويجيب
بداية هناك شروط لتكون الحفرية فلابد أن يكون هناك هيكل صلب للكائن الحي ولابد من الدفن السريع حتي لا يتحلل ولابد أن يكون هناك وسط محيط مناسب لحدوث عملية التحجر فعلي سبيل المثال يحل الحديد والمنجنيز والسليكا محل خلايا الخشب لنجد بعد ملايين السنين أشجارا متحجرة في هيئة صخور رسوبية تحمل نفس شكل وتفاصيل الكائن الأصلي ويحدث هذا خلال أزمنة طويلة للغاية حيث يتم استبدال جزيء بجزيء وهي عملية معقدة وتبقي الفائدة الكبيرة لبقاء هذه الحفريات حيث نتعرف علي الكائنات التي كانت موجودة في هذا العصر أوذاك بالإضافة إلي معرفة تاريخ الأرض فنحن نستطيع تقويم عمر الحفرية وبالتالي عمر الطبقة التي نعثر داخلها علي الحفرية وعلي طبيعتها وهل كانت يابسة أم مياها مالحة أم عذبة وكذلك نعرف المناخ الذي كان سائدا في المنطقة من نوعية الكائنات.
ق وأسأله عن قصة اكتشاف منطقة وادي الحيتان فيجيب.
عرف المكان تقريبا في أواخر القرن التاسع عشر ومع بداية القرن العشرين جاء مجموعة من العلماء ومنهم (بيدنال) والعالم الالماني (شيفين فورس) والانجليزي (أندراوس) وقد وجد حفريات لحوت درسوها وعرفوا أنها ترجع إلي عصر الإيوسين أي من 40 إلي 42 مليون سنة، وقد أكملت البعثات العلمية البحث علي مستوي شمال قارون ووجدوا حفريات فقارية مثل أسنان القرش وأبقار البحر وسلاحف بحرية وتماسيح كذلك وجدوا علي جبل القطراني نوعا من أقدم القرود وكذلك نوعا قديما من الأفيال وكل هذه الحفريات ممثلة في عصرين متتاليين من الحقبة الحديثة وهما الإيوسين والألوجوسين كذلك وجد تتابع بحري ونهري وهو ما يؤكد وجود دلتا في هذه المنطقة التي كانت جزءا من البحر المتوسط قبل أن ينحسر عند حدوده الحالية وأن هناك نهرا كان يصب في هذه المنطقة وأن رواسبه قد صنعت دلتا عاشت عليها الأفيال القديمة وبعض الفقاريات الأخري عند الشاطيء القديم للبحر والذي كان عند شمال الفيوم في ذلك العصر ولم يكن البحر الأحمر قد نشأ بعد فبداياته تعود إلي عصر الالوجوسين أي من 40 مليون سنة، ومن الطريف أن جبل المقطم نفسه كان ضمن ترسيبات البحر المتوسط القديم، كل هذه الأشياء جعلت من المنطقة مصدر جذب للبعثات.
0 comments:
POST UR COMMENT